كتب : رامي علم الدين
جدل كبير شهدته مواقع التواصل الاجتماعي، في الساعات القليلة الماضية، بعد تسريب مستند سيارة جديدة، ماركة “رولز رويس داون” كابورليه، موديل 2020″، مدوّن عليها اسم أحد الفنانات ، وتبلغ قيمة السيارة 6 ملايين و113 ألفا و545 جنيها، كما بلغت إجمالي الرسوم الجمركية عليها 3 ملايين و717 ألفا و137 جنيها، ليصل إجمالي سعرها ما يقارب الـ10 ملايين جنيه، مما أثار دهشة الجميع بسبب ثمن السيارة التي أهداها أحد رجل الأعمال لزوجته الفنانة .
السؤال هو : من الذي قام بتسريب وثيقة جمرك السيارة، ولماذا؟ ثم كيف تحول جمرك سيارة إلى أن يصبح حديث الساعة النهاردة “تريند رولز رويس” ؟
أين العيب؟
لا أستطيع أن أبخل عليكم بالإجابة ، والتي أخصكم بها، وقد تبدو لأول وهلة نُكتة، الإدارة العامة للمرور بوزارة الداخلية، تجري تحقيقاً الآن مع موظفين مرجح إنهم سربوا مستند الإفراج عن السيارة من مصلحة الجمارك، باعتبار ذلك فعل يتنافى مع قواعد وقوانين العمل ومخالف للتعليمات،
لا أجد مبرراً لحملة الهجوم ،والتي ربما تشير إلى الحقد الطبقي الشديد، وكشفت عيوب المجتمع اليوم ، زوج ثري، يهدي زوجته سيارة فارهة ، فالزوج الراقي الكريم لا يبخل أبداً على زوجته طالما يستطيع ، وكل على قدر استطاعته، فهناك من يهدى وردة ، وآخر يهدى شقة أو طائرة أو سيارة أو غنوة وكليب مصور، صحيح أنه ليس من الخطأ أن نرغب دائما في الأفضل، حيث أنك لا تعد آثما إذا كان لديك طموح، لكن في نفس الوقت فإنه لا يعد حلماً أو وسيلة لتحقيق الأهداف، الأحرى من ذلك، ذلك الشعور بالحقد على أولئك ممن حققوا طموحاتهم وأهدافهم، إذ أنه أصبح يمثل نقصاً في الذات لأنه يحدث نتيجة تشوه بصاحبه وإحساسه بالذل والعجز أمام نجاحات الآخرين.
“مَنْ رَاقَبَ النَّاسَ مَاتَ هَمَّاً”، تكمن الخطورة من وجهة نظري المتواضعة التي ربما لاتروق للبعض، أن العيب فيمن غادرته القناعة ،وملأته عين الحقد، والتربص، والغيرة، فبات ينظر لما في أيدي الآخرين ويطيل النظر دون حق، متعدياً على حرية وخصوصية الآخر، والتحدث فيما لايعنيه، فالذي يتحدث علي هدية لاتخصه قدمت من زوج لزوجته، لا شك هو نفسه الذي يتكلم ليلاً ونهاراً على كل من حوله سواء جيرانه، أقاربه، زملاؤه، وينظر بعين الغل والحسد ويكره ويحقد على كل من حوله ، سواء من أفضل منه مال، أو نجاح، أو ذرية صالحة، هم حولنا في كل مكان، قد يكونوا أقرب الأقرباء نحيا معهم ونختلط بهم، وذكرتهم الأديان السماوية نصاً، قال تعالى : وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ [الفلق:5]، الحسد هو شعور داخلي عاطفي نابع من الفرد بتمني زوال قوة أو إنجاز أو ملك أو ميزة من شخص آخر والحصول عليها أو يكتفي الحاسد بالرغبة في زوالها من الآخرين. وهو بخلاف الغبطة فإنها تمنّي مثلها من غير حب زوالها عن صاحبها، قال الفيلسوف الشهير “بيرتراند راسل” أن الحسد أحد أقوى أسباب التعاسة، ولا تقتصر التعاسة على الشخص الحاسد بسبب حسده بل تمتد لمن حوله.
بعيداً عن التعمق في التفاصيل، إن الإحساس الذي يحدث عندما يفتقر الشخص إلى نعمة، ميزة، إنجاز أو ملكية موجودة عند غيره، حيث أنه إما يرغب في امتلاك ذلك الشيء أو يتمنى زواله من صاحبه، هو من أقوى أسباب التعاسة والحزن، ساهم رجل الأعمال المصري صاحب الهدية ، والذي جعله الله سبب غير مباشر في فتح أبواب رزق لأسر كتير جداً بجانب دوره المجتمعي، ومصانعه العملاقة، وتطوير العشوائيات في قرى الصعيد :المنيا، بني سويف، سوهاج، قنا، والتي تكلفت ملايين الجنيهات، إلى جانب تبرعاته واسهاماته في صندوق تحيا مصر، والجمعيات الخيرية، ومؤسسات المجتمع المدني، لاشك أن البعض لايدرك أن كلها ملايين ذهبت لدعم الاقتصاد والوطن، ولا يمكن أن يتفهم قيمة هذا الكلام أي شخص سلبي متمسك بكلمة ظروف.