بقلم / وسيم السيسي
نحن ثلاث ترنيمات، اختارنا الدكتور ميسرة عبدالله، أستاذ التاريخ فى جامعة القاهرة، من المقصورة الحمراء لحتشبسوت، كلماتنا تقول: واحد ولا ثانى له، واحد خالق كل شىء، خلق المخلوقات بعد أن أظهر نفسه للوجود، أبوالبدايات، أزلى، أبدى، دائم، قائم، خفى، لا يُعرف له شكل ولا شبيه!، سر خفى اسمه، وهو كثير الأسماء، هو الحقيقة، ملك الحقيقة، الذى يحيا فى الحقيقة، هو الحياة الأبدية، وواهب الحياة للإنسان حين ينفخ فى أنفه نسمة الحياة، لم يلد ولم يولد، ولم ينجبه أحد، خالق لم يخلقه أحد، بل موجد نفسه بنفسه، صانع ما كان، وما هو كائن، وما سيكون، رحيم، يسمع دعوة الداعى إذا دعاه، هذه كلمات تركناها لكم حتى تصدقوا أننا عرفنا الإله الواحد منذ الأسرة الأولى، وأنها كذبة كبيرة، تعدد الآلهة أو عبادة أصنام.
شهد لنا د. عبدالعزيز صالح، د. ثروت عكاشة، أ. عباس محمود العقاد بالتوحيد، كما شهد لنا والاس بادج فى كتابه «ديانة المصريين القدماء» أن مصر عرفت الإله الواحد، وكانت التسابيح تسمع فى وادى النيل، كما شهد بذلك ويل ديورانت، ماسبيرو، مريت، دى لا روج. كنا نقدس بعض الطيور كالصقر لأنه كان يحمل صفات إلهية كحرف الألف الذى ليس قبله شىء.
وأنه دائمًا على قمم الجبال والأشجار، والمجد لله فى الأعالى، والمؤسف أنكم اعتقدتم أننا نعبد الصقر، والجعران، والقطط!، ولا تعرفون أن الجعران يتمتع بخاصية التوالد العذرى، والقطط تقضى على الفئران حاملة مرض الطاعون، فهى مبعوثة العناية الإلهية، ونسيتم أننا أول من عرَّف العالم أن هناك حياة بعد هذه الحياة، وكنا نطلق عليها «بر إم هيرو» أى الخروج إلى النهار، وبكل أسف ترجمها ليبسيوس إلى «كتاب الموتى»!!.
كنا نصلى بعد الوضوء، وكان بيت الوضوء يدعى «برضوا»، وكنا نسجد بالأذقان لا بالجباه، وجاء ذكرنا فى القرآن الكريم: «يخرون للأذقان سجدًا»، وكنا نصوم قبلكم «كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم»، وكنا نحج إلى أبيدوس «الكعبة» وهى كلمة مصرية «كابا» دخلت إلى الإنجليزية: CUBE أى مكعب، كما كنا نزكى، وكلمة ماعون، كلمة مصرية معناها الزكاة «تفسير ابن كثير».
تقولون إن إخناتون «الأسرة ١٨» أتى بالتوحيد، وهذا خطأ، كان خلافًا سياسيًا بينه وبين أتباع آمون، أخذ هذا الخلاف شكلًا دينيًا، فأراد إخناتون تغليب الآتونية على الآمونية، جدير بالذكر أن أحد أسماء الله فى التوراة آدوناى، وهى من آتوناى أو آتون!.
كانت الصلوات والترانيم فى بلادنا ليل نهار، ها هى ترنيمة أخرى تقول: أيها الواحد الأحد، الذى يطوى الأبد، يا مخترق الأبدية، يا مرشد الملايين إلى السبل، يا من يجعل الجنين يكبر فى بطن أمه، لم ألحق ضررًا بإنسان، ولم أتسبب فى شقاء حيوان.
كان صاحبكم كاتب هذه السطور فى العاصمة الإدارية اليوم، لأنه عضو اللجنة التى ستختار اسمًا جديدًا لها، لم يشهد إنجازًا، بل إعجازًا، عرف أنها الجينات المصرية التى قال عنها أمير الشعراء:
مشت بمنارهم فى الأرض روما/ ومن أنوارهم قبست أثينا
تعالى الله كان السحر فيهم/ أليسوا للحجارة منطقينا!!
كما وجد كل مسجد بجواره كنيسة، تمنى لو أن الشاعر إلياس قنصل كان موجودًا حتى يرى حلمه وقد تحقق:
أحلم بعلم من نسج عيسى وأحمد
وآمنة فى ظل أختها مريم
سلام على حب يوحد بيننا
فالفرقة لفح من نار جهنم.