“تجليات_إيمانية”
تفائلوا واحسنوا الظن بالله
كتب / د. م مجدي عبدالله
مهما واجهتم من مصاعب أو كنتم في قلب العواصف والأزمات، لا تتوقعوا الفقر، ولا تستسلموا لليأس أو القنوط. فالله هو الرزاق، وهو الكفيل بعباده، القائل في محكم تنزيله: “وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا” [الطلاق: 3]. لا خوف على من يستودع أمره لله، ولا ذل لمن يرفع حاجته لخالق الأرض والسماء.
إن توقّع الخير من الله هو عبادة قلبية تُعبر عن حسن الظن بالله، فقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “كل متوقع آت، فتوقع ما تتمنى”. فلتكن أمنياتكم كبيرةً بقدر عظمة الله، وتوقعوا منه الكرم الذي لا ينفد، والسعة التي لا تحد، والرزق الوفير الذي يغنيكم، ويغني من حولكم.
توقعوا من الله القادر العزة التي تعلو بها هممكم، وتكسبكم عزةً ومنعة. قال تعالى: “تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” [آل عمران: 26].
تفاءلوا وتوقعوا من الله كل خير، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الدُّنْيَا لِمَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لا يُحِبُّ، وَلا يُعْطِي الإِيمَانَ إِلاَّ لِمَنْ أَحَبَّ”، وهذا يعني أن نعم الله واسعةٌ تغمر من يحبه ومن لا يحبه، لكن مَن يثق برحمته يجد سعةً في الدنيا وراحةً في الآخرة.
إحسان الظن بالله واجبٌ على كل مؤمن، فالله سبحانه يقول: “إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ” [الرعد: 11]. اجعلوا من يقينكم بابًا للرزق، وعِلمكم برحمة الله سكينةً في قلوبكم، وتوقّعوا فرجًا يأتي ولو من غير باب، ورزقًا ينهمر ولو انقطعت الأسباب.
فتوقعوا من الله الرزاق رحمةً تملأ قلوبكم وتزيدكم طمأنينة، فهو القائل في كتابه: “قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا” [الزمر: 53]. رحمة الله وسعت كل شيء، وتفيض على خلقه كالغيث الذي ينزل فيحيي الأرض بعد موتها.
أحسنوا الظن بربكم، فهو اللطيف بعباده، يُكرم من يشاء من عباده بغير حساب، وهو القائل: “وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ” [الذاريات: 22]. فكل من يسأله يمدّه من عطائه، ومن لم يسأله يُعطيه من فضله، وهو المجيب للنداء، والسمع لدعاء.
فلا تخافوا من نقصٍ أو عسر، واعلموا أن وراء كل شدة يُسر، كما قال الله تعالى: “فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا” [الشرح: 5-6].