ايران وإسرائيل والخيانة
كتبت شيرين العدوى
على مدى أسابيع تابعت عن كثب الصراع المحتدم بين
إيران والكيان المحتل، ولست متخصصة فى الشأن الإيرانى كالدكتور المتميز أحمد لاشين؛ ولكنى كمتخصصة فى التاريخ وقارئة للأحداث كانت لدى عدة ملاحظات بحثت وراءها أشاركها القارئ. فى 7 أغسطس، عقد معهد واشنطن منتدى سياسيا افتراضيا بمشاركة ثلاثة من خبراء مكافحة الإرهاب لمناقشة أداة تفاعلية جديدة ترصد العمليات الخارجية الإيرانية وتأثيرها على تحريك الضغوط الدولية ضد إيران ووكلائها، شارك فى هذا المنتدى: ماثيو ليفيت زميل
كبير فى المعهد ومدير برنامج مكافحة الإرهاب والاستخبارات وهو مبتكر خريطة العمليات الخارجية الإيرانية الجديدة، وماغنوس رانستورب مستشار إستراتيجى فى جامعة الدفاع السويدية، ونورمان رول مستشار غير مقيم فى مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية والمسئول السابق فى وكالة الاستخبارات المركزية.
وقد رصدوا خريطة تفاعلية لإيران تحدد تحركاتها غير القانونية. وتم رصد 400 عملية إدخال أولية قابلة للتحديث مدعومة بالوثائق الأساسية والخرائط والصور استهدفت هذه الإدخالات عمليات اغتيال لمعارضين إيرانيين، وأمريكيين، وإسرائيليين يهود. وعلى رأس قائمة المستهدفين كان الرئيس الأمريكى السابق والمرشح الحالى دونالد ترامب؛ وهذا ما يفسر عداء ترامب الشديد لإيران وتصريحاته الأخيرة ضدها. وضعت بعض هذه المخططات منذ ثورة إيران عام 1979 ولوحظ زيادة نشاطها فى الفترة الأخيرة؛ فقد كان القبض على الدبلوماسى الإيرانى أسد الله الأسدى فى سبتمبر 2018 نقطة حاسمة فى الالتفات لإيران بقوة وكشف مخططاتها للاتحاد الأوروبى وأمريكا.
فكيف خططت إسرائيل لاستهداف عناصر إيران من حزب الله وحماس؟! لم يكن الوضع كما أشير إليه أنه خيانة من داخل الصفوف فقط، وإنما كانت عوامل عدة أهمها التكنولوجيا وتفجيرات البيجر. وقد كشفت عن هذه العملية صحيفة واشنطن بوست، حيث أشارت إلى أن الفكرة نضجت فى مقر الموساد فى 2015، حيث تم اختراق حزب الله بالمراقبة الإلكترونية عن طريق هواتف صغيرة AR924؛ فقد خاف حزب الله من اختراق هواتفه المحمولة العادية خصوصا بعد أبلكيشن بيجسوس الذى اخترقت به إسرائيل العديد من الشخصيات.
فبدأ فى البحث عن هواتف مقاومة للاختراق، وهنا تولدت الفكرة لدى الموساد بإنشاء حصان طرواده؛ ولكنه هذه المرة إلكتروني؛ وذلك عن طريق دفع الميليشيات إلى شراء أجهزة تبدو مثالية للمطلوب. صممها الموساد وجمعها فى إسرائيل وهى أجهزة مفخخة تحتوى على نظام راديو محمول ثنائى الاتجاه، وعلى حزم بطاريات كبيرة يمكن أن تعمل شهورا دون شحن ومقاومة للماء وبها متفجرات مخفية، ونظام إرسال يسمح لإسرائيل بالوصول الكامل لها. وقد اكتفى الموساد بالتنصت 9 سنوات على حزب الله حتى ساعة الصفر التى يتم فيها تحويل هذه الأجهزة إلى قنابل صغيرة يُتَحكم فيها عن بعد.
وقع حزب الله فى الفخ واشترى 5 آلاف جهاز وزعها على عناصره المتوسطة والقيادية. حملت الأجهزة العلامة المائية أبولو التايوانية، مع خط إنتاج وزع فى جميع أنحاء العالم لمزيد من التمويه ولعبت سيدة أعمال موثوق فيها من الحزب دورا مهما فى هذه الصفقة، ورغم أن الحزب فكك الأجهزة واختبرها فإنه لم يكتشف القنابل المزروعة. لهذا تحية إجلال لجيشنا الباسل فى ذكرى نصر 1973 الواحد والخمسين داعين له بالعزة والثبات.