“القراءة غذاء الروح”
بقلم: عمر الشريف….
تُعد القراءة من أهم وسائل التعلم، ولا تحتاج إلى إمكانيات ولا ماديات، ولا لمساعدة من الآخرين، فقط تحتاج لعقلٍ واعٍ ليستوعب الذي يقرأه، فالقراءة هي غذاء الروح.
الإسلام هو دين “اقرأ” وهي أول كلمة نزلت على الرسول (ص) حين جاء إليه سيدنا جبريل قائلا له “اقرأ” فقال النبي: “ما أنا بقارئ” فأعادها ثلاث على الرسول (ص) حتى قال:
“اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ”
فقد كان أول ماجاء به الإسلام هو الحث على القراءة للتزود بالعلم والمعرفة.
فالقراءة تجعلنا نعيش من خلالها في عوالم شتى من الموضوعات المختلفة والمعاني المتنوعة التي تثمر لدينا فهماً أعمق ووعياً أدق لحقائق الحياة.
ولأهمية القراءة في بناء الإنسان شأن عظيم، فبدونها يكون إنسانا متخبطا في ظلمات الجهل، وعشوائيا لا يفهم من الحياة حتى نفسه.
ومع هذه الأهمية الكبيرة للقراءة في حياتنا فنحن مع الأسف من أكثر الشعوب ابتعاداً عن القراءة وفوائدها، فقد أصبح القلة القليلة من الناس هم الذين يقرؤون ويتابعون الحركة الثقافية في المجتمع، وأصبح الكتاب عند الكثيرين من مهملات الاهتمام وليس له أي قيمة سوى أنه سلم يصعد به الإنسان لنيل شهادة أو تحصيل وظيفة.
فوائد القراءة تتمثل في عدة اشكال منها على سبيل المثال، أنها تعطي شعوراً بالسعادة والرفاهية والإنتقال لعالم آخر، كما أن القارؤون يتعلمون ويكتسبون معلومات ومهارات عن الحياة على الدوام، وهي أيضاً تحمي الإنسان من مرض الزهايمر وتحفز ذهنه وتغذي روحه وعقله، كما أن لها دور كبير في اتخاذ القرارات الصحيحة وبداية حياة جديدة خالية من المشاكل والأزمات، وعندما يقرأ الإنسان كثيرا سوف ينمو عقله.
جاذبية الكتاب عند أبناء جيلنا بدأت تخبو رويداً رويداً وسط الغزو الهائل لوسائل التكنولوجيا والألعاب الإلكترونية التي نندفع إليها باهتمام، ويكفي ما نراه حولنا في الشوارع والأماكن العامة، من انكباب الجميع على هواتفهم الذكية لدرجة أنهم يكونون منعزلين عن الوسط المحيط بهم وهم غارقون في التكنولوجيا الحديثة، فقد أصبح الاهتمام منصبا على السعي الحديث لإقتناء أحدث هاتف وتعبئته بالأغاني والألعاب وبرامج الدردشة، وإهمال الفوائد الأخرى التي يستطيع الإنسان تحصيلها من هذه التكنولوجيا.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن إحياء القراءة في نفوس الجيل يستلزم مشروعا تتبناه الدولة بكل معنى الكلمة، يكون من ورائه تحفيزا لدفع الجيل بهمة نحو الكتاب، وإشعارهم بأهمية القراءة في بناء ذاتهم على النحو السليم، وأن لا يقتصر الأمر فقط على حملات دعائية ومهرجانات ليس من ورائها منفعة أو تغيير حقيقي في واقعنا، فعلى الرغم من المحاولات المتكررة لرفع قدر القراءة في بلادنا فإننا لم نلاحظ ذلك التغير الذي يذكر، مما يستدعي من أصحاب القرار جهداً أكبر على كافة المستويات لحمل الجيل بجدية وإبداع على الاهتمام بالقراءة وتطوير الذات.