الطبيب الفرنسى كلوت بك
دمياط/فريده الموجي
ظلت مصر تعانى لفترة طويلة من مرض الطاعون المدمر الذى كان من نتائجه أن نقص عدد السكان إلى حوالى مليونين ، فلما جاء محمد على باشا واليا على مصر ، وبدأ بإنشاء جيش مصرى قوى ، رأى ضرورة إنشاء هيئة طبية مصرية لرعاية صحة جنود جيش مصر الناشئ ، حيث لم يكن يوجد بمصر فى ذلك الوقت سوى مستشفى عسكري بالأزبكية .
اصدر الباشا اوامره بتعيين الطبيب الفرنسى أنطون برتسيلى كلوت ” رئيسا لتنظيم المصلحة الطبية العسكرية الملكية فقام
بتأسيس المستشفى المركزى بأبى زعبل فى 24 يوليو 1826
تمكن كلوت بك من اقناع الباشا ، بتأسيس “مدرسة الطب” في أبي زعبل والتى تم افتتاحها ، 1827 ، وتعتبر هذه المدرسة أول مدرسة طبية حديثة في الدول العربية، وكانت تضم 720 سرير.
وكان من الصعاب التى واجهها كلوت بك عدم توافر تلاميذ يتكلمون لغة أجنبية لذا قرر أن يكون تعليم الطب باللغة العربية فضم 100 طالب من الأزهر الشريف ، وألحق عدد من المترجمين بالمدرسة لترجمة الكتب للتلاميذ وإعتبرهم طلبة فى مدرسة الطب .
أما ثاني الصعوبات فكانت معارضة رجال الدين فى تشريح الجسم ، فعقد كلوت بك إجتماعا برجال الدين وأقنعهم أن تشريح جثة الميت هى من أحسن السبل لدراسة الطب فكانت نتيجة جهوده ان اصدر رجال الدين فتوى دينية بإباحة تشريح الجثث فى مدرسة الطب .
وكان نظام دراسة الطب 6 سنوات وأختيرت كتب الدراسة من أهم وأشهر المؤلفات الطبية الفرنسية ، كما أنشأ كلوت بك مدرسة أخرى للعلوم الأولية لإعداد الطلبة اللازمين للإلتحاق بمدرسة الطب ” سنة إعدادى طب الآن ” ،
كما أنشئ مدرسة لتعلم اللغة الفرنسية حتى يتمكن الطلبة من التقدم الطبى السريع وذلك بالإطلاع على المراجع والمؤلفات الفرنسية بجانب الكتب المترجمة .
وكان الطلبه يؤدون الا متحان بحضور علية القوم والعلماء والآعيان وقناصل فرنسا وإنجلترا وروسيا وهولاندا والنمسا وكان الأطباء الخريجون يقسمون عهد الأطباء ” قبل مزاولة المهنة .
وفى 1832 قرر كلوت بك أن يرسل نوابغ الخريجين إلى باريس ليتموا دراستهم على أكبر أساتذة فرنسا ويعودا للتدريس لإخوانهم المصريين ويكون النوة الأولى لهيئة التدريس الطبية المصرية ، وأرسلت أول بعثة مصرية إلى فرنسا مكونة من 12 طبيبا من أوائل مدرسة الطب المصري
وبعد ثمانى سنوات وتسعة أشهر عاد الأطباء الشبان ، وتفرغوا للبحث والتأليف وتنظيم المدرسة والعناية بصحة أبناء وطنهم ، وقاموا بتعريب 86 مؤلفا من أفضل المراجع فى العالم ، وتلاهم فى البعثات زملاء آخرون من نوابغ الخريجين .
بذل كلوت بك جهودًا كبيرة في مقاومة الطاعون الذي حل بالبلاد عام 1830, كما عني بتنظيم المستشفيات وهو الذي أشار بتطعيم الأطفال ضد الجدري. وفي عام 1847، كان كلوت بك أول من استخدم البنج في مصر في عمليات خاصة بالسرطان والبتر. أثرى كلوت بك المكتبة الطبية العربية، بالعديد من المؤلفات الطبية.و منحه محمد علي باشا لقب “بك” تقديرًا لجهوده في النهضة الطبية التي أحدثها في مصر
في عام 1849، عاد كلوت بك إلى مرسيليا، بعد أن ساد مصر حالة من الإهمال في عهد عباس حلمي الأول، ورغم ذلك، عاد إلى مصر عام 1856، في عهد محمد سعيد باشا الذي قرر إعادة افتتاح مدرسة الطب في احتفال ضخم
وفي عام 1858، عاد كلوت بك إلى فرنسا لأعتلال صحته، وتوفي في مرسيليا في عام 1868. وقد تم تكريمه بإطلاق اسمه على شارعين في القاهرة وجري
نوبل