الشخصية الكاريكاتيرية “حنظلة” تمثل وجع وآلام الشعب الفلسطيني،
بقلم: أسامة حراكي….
هناك أشخاص يشعرنا رحيلهم بأن صفحة من زمن جميل قد انطوت، وسقطت من شجرة الأيام ورقة، ومنهم ناجي العلي صاحب الشخصية الكاريكاتيرية “حنظلة” التي تمثل وجع وآلام الشعب الفلسطيني، ناجي سليم حسين العلي (1937ـ 1987)، رسام كاريكاتير فلسطيني، تميز بالنقد اللاذع في رسومه، ويعتبر من أهم الفنانين الفلسطينيين.
ولد عام 1937 في قرية الشجرة الواقعة بين طبريا والناصرة، بعد احتلال إسرائيل لفلسطين، هاجر مع أهله عام 1948 إلى جنوب لبنان وعاش في مخيم عين الحلوة، ثم هَجر من هناك وهو في العاشرة، ومن ذلك الحين لم يعرف الاستقرار أبدا، فبعد أن مكث مع أسرته في مخيم عين الحلوة بجنوب لبنان اعتقلته القوات الإسرائيلية وهو صبي لنشاطاته المعادية للاحتلال، فقضى أغلب وقته داخل الزنزانة يرسم على جدرانها، وكذلك قام الجيش اللبناني باعتقاله أكثر من مرة وكان هناك أيضاً يرسم على جدران السجن، سافر إلى طرابلس ونال منها شهادة ميكانيكا السيارات.
كان الصحفي والأديب الفلسطيني غسان كنفاني قد شاهد ثلاثة أعمال من رسوم ناجي في زيارة له في مخيم عين الحلوة فنشر له أولى لوحاته وكانت عبارة عن خيمة تعلو قمتها يد تلوّح، ونشرت في مجلة “الحرية” العدد 88 في 25 سبتمبر 1961.
في سنة 1963 سافر إلى الكويت ليعمل محررا ورساما ومخرجا صحفيا فعمل في الطليعة الكويتية، السياسة الكويتية، السفير اللبنانية، القبس الكويتية، والقبس الدولية.
ولد حنظلة في 5 حزيران 1967، وقال ناجي العلي إن حنظلة هو بمثابة الأيقونة التي تمثل الانهزام والضعف في الأنظمة العربية، وحنظلة شخصية ابتدعها العلي تمثل صبياً في العاشرة من عمره، عرّف ناجي العلي حنظلة الذي حمله رسائله لرفض الهزائم وإدانة المهرولين العرب لتكريسها، بقوله: عزيزى القارئ اسمح لي أن اقدم لك نفسي، أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا اسمي حنظلة، اسم أبي مش ضروري، أمي اسمها نكبة، ونمرة قدمي ما بعرف لأني دايماً حافي، تاريخ الولادة 5 حزيران 67 جنسيتى: أنا مش فلسطيني، مش أردني مش كويتي مش لبناني مش مصري، مش حدا باختصار ممعيش هوية ولا ناوي اتجنس.. محسوبك إنسان عربي وبس.
حين سئل ناجي العلي متى سيدير حنظلة وجهه صوب محبيه، أجاب: عندما تصبح الكرامة العربية غير مهددة، وعندما يسترد الإنسان العربي شعوره بالحرية والإنسانية.
ظهر رسم حنظلة في الكويت عام 1969 في جريدة السياسة الكويتية، أدار ظهره في سنوات ما بعد 1973 وعقد يديه خلف ظهره، وأصبح حنظلة بمثابة توقيع ناجي العلي على رسوماته، لقي هذا الرسم وصاحبه حب الجماهير العربية كلها وبخاصة الفلسطينية، لأن حنظلة هو رمز للفلسطيني المعذب والقوي رغم كل الصعاب التي تواجهه فهو شاهد صادق على الأحداث ولا يخشى أحداً.
يكتنف الغموض اغتيال ناجي العلي ففي اغتياله هناك جهات مسؤلة مسؤلية مباشرة، الأولى الموساد الإسرائيلي والثانية منظمة التحرير الفلسطينية كونه رسم بعض الرسومات التي تمس القيادات آنذاك، أما قضية الاغتيال إن جاز التعبير قد تنتهي بفرضية التصفية أو بعض الأنظمة العربية مثل السعودية بسبب انتقاده اللاذع لهم، أطلق شاب مجهول النار على ناجي العلي على ما أسفرت عنه التحقيقات البريطانية ويدعى بشار سمارة وهو على ما يبدو الاسم الحركي لبشار الذي كان منتسباً إلى منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن كان موظفاً لدى جهاز الموساد الإسرائيلي، وتمت العملية في لندن بتاريخ 22 يوليو عام 1987 فاصابه تحت عينه اليمنى، ومكث في غيبوبة حتى وفاته في 29 اغسطس 1987، ودفن في لندن رغم طلبه أن يدفن في مخيم عين الحلوة بجانب والده وذلك لصعوبة تحقيق طلبه.
وتمر اليوم ذكرى استشهاده.
“يا ناجي العلي كم كانت صحفنا بك أجمل وأقلامنا أكثر كرامة وحنظلة أكثر مرارة”.