الخريف المخيف
بقلم /عبير مدين…..
بعد مقتل إسماعيل هنية على سرير الحرس الثوري الإيراني وبعد حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان أثيرت الاقاويل ان مقتل هنية جاء مقابل صفقة للحفاظ على حياة الأمين العام الراحل لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، وفي سلسلة اغتيالات قامت بها إسرائيل تم اقتلاع عددا من انياب الافعى الإيرانية في المنطقة وسط صراخها وتوعدها بالانتقام الذي لم يأتي حتى الان سوى ببعض الصواريخ أطلقها الحوثي من الجنوب وحزب الله من الشمال لم تسفر عن أي خسائر تذكر!
وفي الوقت الذي جلس العالم كله يترقب الانتقام الإيراني لانتهاك سيادة ارضه ومقتل ضيف رفيع المستوى في قلب طهران في مناسبة حفرت بالدم اطل الخريف بوجه مخيف على عملاء النظام الملالي في المنطقة فبعد اختراق وانفجار أجهزة البيجر التابعة لحزب الله في لبنان والذي كشف عن مدى الاختراق الأمني للحزب واعاده للعصور الوسطى من الاتصالات جاء استهداف مقر الحزب الكائن بالضاحية الجنوبية من لبنان والذي أسفر عن مقتل أكبر رموز الحزب وعددا من قياداته اثناء اجتماعهم
جاء الحادث بعد مشاركة الوفد الإيراني في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك وتصريح بزشكيان بأنهم والامريكان إخوة! وتصريح جواد ظريف نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية بأن إيران لن تدخل في حروب من اجل اي أحد لا من اجل فلسطين ولا من اجل جنوب لبنان!
الواقع اثبت مدى هشاشة النظام الإيراني الذي يعاني من أزمات داخلية ولا يستطيع الدفاع عن حلفائه بل على العكس الصورة تبدو الان انه يقدمهم واحدا تلو الاخر قربانا للعم سام لعله يرضا عن مشروعه النووي، تعرضت إيران لعددا من الاغتيالات التي طالت أبرز قادتها خلال الفترة الماضية كان أبرزهم قاسم سليماني وأبو المهدي المهندس والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته ثم جاء اغتيال حسن نصر الله ليتوجس باقي حلفاء إيران خيفة من ان يكونوا ضمن قائمة الاغتيالات وهم يشعرون انهم مخترقون امنيا الان كما ثبت بالفعل اختراق حزب الله استخبارتيا.
قبل اغتيال نصر الله بساعات قليلة خرج الأستاذ الدكتور محمد علي الحسيني الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لقاء بالتلفزيون وأخبر نصر الله انه مستهدف وعليه كتابة وصيته وان من باعه إيران وبدلا من ان يأخذ النظام الملالي كلامه بعين الاعتبار ويحمي رجله صموا اذانهم عن نصيحته واظن انهم لن يحموا الحوثي أيضا رغم تحذير الحسيني فكل ما يعنيهم حماية عمائمهم على مقاعد السلطة.
فهل طلب نصر الله من إيران التدخل بصورة أكبر واوسع في صراعه مع إسرائيل مما اعتبره النظام الملالي خطأ يستوجب العقاب؟! أظن أن هناك شيء دار في الكواليس لتتخلى إيران عن أهم رجالها واحدا تلو الآخر وحتى يخرج رئيسها مسعود بزشكيان ليقول تصريحه الأخير في الأمم المتحدة فحتى القافلة التي هدد بها ( الحشد الشعبي العراقي ) انه سيرسلها لدعم ( حزب الله) تم تدميرها قبيل التفجيرات على حدود بلدة “البوكمال” السورية مع العراق!
المواجهة بين لبنان، وخاصة حزب الله وإسرائيل، أدت إلى انهيار الاقتصاد اللبناني. وإذا دخلت إيران في هذه الحملة فسيحدث لها ذلك أيضاً وخاصة أن الاقتصاد الإيراني هش للغاية ويعاني الإيرانيون من أزمات وفقر غير مسبوق وصل حد المجاعة في بعض المناطق
هل يعقل أن يسلم نصر الله رقبته للعدو وهو يعلم أنّ حزبه مخترق وأن الاغتيالات حددت مواقع قادته بدقة؟!، هل يعقل أن يذهب إلى اجتماع يدرك بعده أنه لن يعود؟!
هذه مجرد تساؤلات وليست تحليلات، تساؤلات تثير الشكوك خاصة وان المنطقة كان احتمالات قصفها كبيرة وتم اخلاء المجمع السكني بها وهم على يقين انهم مستهدفون فكيف يتم لاجتماع في هذه الظروف؟! كذلك من المثير للدهشة خروج هاشم صفي الدين الرجل الثاني في الحزب من مقر الاجتماع قبل التفجيرات بدقائق قليلة فهل كان صدفة ام خيانة؟!
ثم يخرج بشار الأسد الرئيس السوري ويحذر السوريين من الانضمام لحزب الله وان من يثبت انضمامه سوف يحاسب؟! ورغم عن الحزب كان حليفه في الحرب السورية السورية فأنه لم يكلف نفسه عناء رثاء حليفه؟! اظن ان وقع الصدمة عليه أفقده الذاكرة او انه يخشى الاستهداف هو أيضا حتى انه اغلق مكتب التجنيد الخاص بالحزب في سوريا!
لقد حدث شرخ كبير في حزب الله مع القضاء على حسن نصر الله بهذه الطريقة وبذلك جرى ضياع كل ما راهن عليه ملالي طهران في لبنان وخسر من ثروات طائلة بلا فائدة وأغلبية الشعب الإيراني لسان حاله الان يقول حان الوقت للاستثمار في إيران فقط فهل سيكون الملعب اللبناني مكافئة لآل سعود اذا ما جرى التطبيع في مساره المرسوم لخلق التوازنات السياسية التي تتحكم في خريطة العالم؟
هل سينتهز لبنان الفرصة ليصنع ربيعا جديدا لنفسه ويسيطر على مقدرات الدولة وتعود لبنان للبنانيين؟ هل تستمر إيران في عبثها معتمدة على مخزون الحزب من الأسلحة مقابل فتات ترميه له حتى تظل تفرض سيادتها على المنطقة وتحاصر إسرائيل على امل الحصول على أي مكاسب في المستقبل؟
ام هل ستتدفق الاستثمارات الخليجية على هذه الدولة المنكوبة وتنتشلها من الضياع؟
فإذا علمنا أن إسرائيل قامت ب ٢٠٠٠ طلعة جوية على بيروت ولبنان خلال ٢٤ ساعة فقط السؤال هل إسرائيل لديها القدرة على كل تلك الطلعات الجوية خلال هذا الوقت القصير جدا (كثافة تحليق وضرب خلال فترة زمنية قصيرة) جدا؟ فلنبحث عمن لديه طائرات اف ٣٥ غير إسرائيل في الشرق الأوسط هل هي الإمارات مثلاً لا أعلم لكنها اسئلة مشروعة ومع مرور الوقت كل شئ سوف يتضح أضف إلى ذلك استخدام مطارات قبرصية لتضليل هل استقبلت إسرائيل طائرات حربية خلال الفترة الماضية من الناتو أو امريكا او بعض الدول العربية؟ هذا أيضا سؤال يحتاج إلى إجابة
لكنه صوت العقل والمنطق والتصور الأقرب للحقيقة، إذا ما العائد أو الربح المنتظر لإيران مقابل تكسير أذرعها وحائط الصد الأول عنها إلا إذا تخلت عن برنامجها النووي طاعة وبدلت سياستها والعودة بها لحكم ما قبلها (شاه إيران أو ما يشابه) وتعلن دخولها حظيرة العم سام وتصبح حليفا في العلن له ولطفله المدلل الصهيوني من اجل قيام دولة إسرائيل الكبرى لذا لابد من افساح المجال امامها
وذلك لا يكون الا بإزاحة ترسانة حزب الله
وهذا يعتبر التفاف على حماس بالمقابل النووي الإيراني
السيناريوهات كثيرة ومن الصعب التكهن حاليا بأي منها سيفرض على الساحة ربما ستتضح الرؤية أكثر بالأخص مع معرفة مصير الحوثي والسنوار اما مقتدى الصدر فحكاية أخرى.