البلوزة
بقلم : عبير مدين
جمعتني بها الصدفة حين جلست بجوارها في ميكروباص سيدة تقاربني في السن لم انتبه للدموع التي في عينها إلا حين سقطت حافظة نقودها بجوار قدمي دون أن تشعر انحنيت التقطها والتفت كي أناولها لها تمتمت بكلمات شكر بصوت يخنقه البكاء
ربت كتفها سألتها إن كان بإمكاني مساعدتها فانفجرت بالبكاء، أصابتني الحيرة وتسارعت الأسئلة إلى رأسي توقفت حين أخرجت من كيس كانت تحمله بلوزة تبدو لفتاة في مرحلة الشباب وقالت ما رأيك؟
ظننت أنها تريدني اشتريها فنظرت لها وقبل أن افتح فمي بكلمة اعتذار عن شرائها قالت بلهفة ما رأيك في لونها؟
قولت لها جميل فابتسمت وشعرت أنها تحتاج أن امدح لها في البلوزة
ترى هل هذه مقدمة لتقنعني بشرائها؟!
اعرف نفسي لو ألحت لن اخذلها فهذه عادتي يعز علي أن اخذل أحدا قدر إمكاني،
قالت بنفس اللهفة ما رأيك في خامتها؟
هنا أيقنت أنها تريد أن تبيعني إياها فقلت لها بحيرة جيدة
قالت بحزن اشتريتها لابنتي بخمس وسبعون جنيها ، فقلت لها وقد زادت حيرتي وزال عني إحساسي بعدم اضطراري لشرائها ليس لأنها سيئة لكن لعدم حاجتي لشراء ملابس لي أو لابنتي في الوقت الحالي علاوة على أنها تبدو اقل من مقاس ابنتي قليلا. أين المشكلة؟
قالت لي زميلة في العمل… ما أن تراني اشتري شيئا حتى تبدأ في إظهاره كله عيوب وإنني لا افهم في الموضة وان السعر متدني لان خامته رديئة مما يجعلني اكره ما اشتريته.
أمسكت البلوزة وابتسمت و أنا انظر لها بود وقلت بحماس وثقة اسمحي لي فإن زميلتك هي التي لا تفهم في الموضة وان اختيارك راقي يا سيدتي هل تعلمي لو ابنتك ارتدت عليها بعض قطع الإكسسوارات و غطاء رأس هذا اللون وأشرت على احد الألوان الموجودة في البلوزة سوف يصبح طقم غاية في الأناقة،
جففت السيدة دموعها وابتسمت وقد عادت إليها ثقتها وقالت (الله يجبر خاطرك) كما جبرت خاطري ، أردت أن أسعدها أكثر واجعلها تشعر بمزيد من الرضا عن تلك البلوزة، فقلت إذا كانت لا تلزمك استطيع شرائها منك فقالت أشكرك يا سيدتي اليوم عندنا حفل زفاف احد أقاربنا واشتريت لابنتي هذه البلوزة لتحضر بها الحفل وشعرت بالحزن الشديد حين سمعت أنها سيئة وشعرت أني وقعت في ورطة فليس معي ثمن غيرها ولا وقت للشراء،
بعد قليل وصل الميكروباص محطتها فنزلت وهي سعيدة تحتضن الكيس برضا لوحت لي بيدها وهي تقول شيئا لم اسمعه لان زجاج النافذة مغلق لكن عينها كانت تقول الكثير لوحت لها بيدي مودعة فقد لا نلتقي ثانية وانطلق الميكروباص نحو محطة جديدة وكل راكب يحمل سرا لا نعرفه.