اثر التصوف علي الحياة السياسية في مصر من القرن 3 الي القرن 7 الهجري
د/ كمال الدين النعناعي
(7) الصوفية في عهد الدولة الطولونية المصرية
بالطبع حاول بن طولون حاكم مصر احتواء الموقف السياسي
مع الطائفة الصوفية فأتخذ عدة قرارات.
1 _ مضاعفة المبالغ التي ٱودعها كرصيد يدفع كهبة (صدقة)
2 _ ثم أنشأ مطابخ يومية لاطعام الفقراء والمساكين عندما بني القصر والميدان
3 _ وٱكثر من أقامة مأدبة عظيمة
(سماط) لمن ٱراد ٱن يحضر للطعام
4_ كما خصص مكانا يضم 12 رجلا سماهم ( المكبرين)
وهؤلاء يعملون من خلال نوبات ليلية يتعاقبون لذكر الله
وقراءة القرآن الكريم بطيب الألحان
ويرتلون قصائد زهدية
ويؤذنون وقت الآذان
وقد أستمر علي هذه العادة حيث كان يجلس هو بأعلي القصر ينظر مايجري..
ٱستمر ذلك حتي سفره لزيارة ثغر (طرطوس)
التي تقع بالساحل الشمالي وكان أسمها القديم
( أنطرسوس) وتمثل أقصي الامتداد الشمالي لفينيقيا
والتي لم يوفق خلالها
في التعامل باحتواء الطائفة الصوفية المقيمين هناك حينما
حاول اتباع نفس النهج معهم
فلما عاد الي مصر أبطل عادته
ففي سنة 264 هجرية سار بن طولون لزيارة ثغر طرطوس ليتفقد أحوال الثغر،
وكان للصوفية فيه نفوذ ملموس
اذ كان الاهتمام بالثغور والاماكن القريبة من أ ماكن التوتر من الأمور التي أعتاد
المسلمون الاهتمام بها فكان الشعار السائد هو الٱمر بالمعروف والنهي عن المنكر
فعمد بن طولون علي التقرب منهم
فيذكر مؤرخه ( البلوي ) في سيرته ٱنه نشأت صداقه بينه وبين رجل صوفي من الثغر يدعي أبو العباس الطرسوسي
وصف بأنه كان رجلا خيرا
فاضلا زاهدا. طعامه المباح
من الأرض
آختاره لكي يوفده الي ٱحدي
الشخصيات المقيمة بالثغر
وهذا الرجل ينتمي الي الطائفة
الصوفية.
وكان صاحبها يحيا حياة خشنة
يتقوت من عمل الخوص
فجاءه أبو العباس في وساطة
ليٱذن بزيارة بن طولون له
والبلوي المؤرخ هو ابو محمد عبد الله المديني البلوي من قبيلة بلي وهي فرع من قضاغة
ينتهي نسبه الي قحطان…
وقد كتب سيرة بن طولون
ويمكننا أن نلاحظ ان كثير من سكان الثغور كانوا في هذه الايام أكثر جرأة من سكان الدواخل..
فبينما جماعة الصوفية في مصر قد تهيبوا بطشه وأمتنعوا
عن نقده..
نجد المقيمين في هذا الثغر
يتحدثون اليه بكلام كالشغب
وأطلقوا ألسنتهم في أصحابه