أفكار بصوت مرتفع
زينب كاظم
سنسلط الضوء في هذا المقال على شخصية دينية وتأريخية عظيمة الا وهي شخصية الأمام الحسن المجتبى عليه السلام.
وهو سبط الرسول محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهو ثاني الأئمة المعصومين عند الشيعة الأثني عشرية وهو و الأمام الحسين عليهما السلام سيدا شباب أهل الجنة.
ولد الأمام الحسن عليه السلام في الخامس عشر من رمضان في المدينة المنورة.. حيث كان يوم مولده مميز جدا فهو أول امام من نسل النبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم.
وكان الأكثر شبها بجده رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وكان النبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم يهتم اهتماما شديدا بالإمام الحسن عليه السلام وكذلك الأمام الحسين عليه السلام.
اذ أن هناك رواية تقول أنه في أحد المرات جاء الصحابي اسامة بن زيد للنبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم بعد منتصف الليل من أجل مسألة ما فأجابه الرسول محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم لكن يقول الصحابي اسامة بن زيد شاهدت النبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وكان غير مرتاحا في وقفته وكان يحمل تحت رداءه شيئا ما فصار عند الصحابي اسامة بن زيد فضول أن يعرف ما يحمله النبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم تحت رداءه فأزال النبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم الرداء فاذا به يحمل الأمام الحسن عليه السلام على يده اليمنى والأمام الحسين عليه السلام على يده اليسرى.
وهذا يعني أنه حتى في النوم كان لا يفارق سبطيه عليهم السلام وكان النبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم يحبهما حبا شديدا وفي مرة من المرات أشار اليهما أمام الناس وقال (من أحب هذين وأبوهما وامهما كان معي في الجنة ).
والأمام الحسن ليس كمنزلة الأمام الحسين بل منزلته أكبر بحيث في مرة من المرات جاء رجل للأمام الصادق عليه السلام وسأله :(من أكبر منزلة الأمام الحسن أم الأمام الحسين عليهما السلام )فأجابه الأمام الصادق عليه السلام الأمام الحسن أفضل من الأمام الحسين.
ثم سأله ذلك الرجل سؤال ذكي اخر اذا كيف صارت الإمامة كلها من نسل الأمام الحسين عليه السلام فالأمام السجاد والأمام الباقر والأمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف ) وغيرهم من الأئمة عليهم السلام كلهم من نسل الأمام الحسين عليه السلام وليس من نسل الأمام الحسن عليه السلام.
فأجابه الأمام الصادق عليه السلام أن الله عز وجل أحب أن يجعل سنة النبي موسى والنبي هارون جارية على الحسن والحسين عليهما السلام لأن النبي موسى والنبي هارون عليهما السلام الأثنان أنبياء لكن منزلة النبي موسى أكبر من منزلة النبي هارون عليه السلام و لأن النبي موسى عليه السلام من الأنبياء اولي العزم لكن نسل الأنبياء جعله الله عز وجل من نسل النبي هارون عليه السلام.
لذلك أراد الله عز وجل أن تكون سنة الحسن والحسين عليهما السلام كسنة النبي موسى والنبي هارون عليهما السلام.
أما عن حياة الأمام الحسن عليه السلام بعد استشهاد النبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وبعد صار الأمام علي عليه السلام خليفة المسلمين كان الأمام الحسن عليه السلام مع والده الأمام علي عليه السلام وكان أكثر الناس علما ودراية من بعد الأمام علي عليه السلام فكان مثلا ملك الروم يبعث بأسئلة تحدي للمسلمين عن النبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم.
وكانت هذه الأسئلة صعبة وليس كل شخص يستطيع أن يجيب عليها فكان الخلفاء والناس يقولون لهم اذهبوا وأسألوا الأمام علي عليه السلام فكان الناس يذهبون للأمام علي عليه السلام فيسألوه فيرسلهم للأمام الحسن عليه السلام كي يجيب على أسئلتهم وكان الأمام الحسن عليه السلام رغم صغر سنه.
اذ أنه كان في بداية شبابه يجيب على أسئلتهم ولا يعجز عن الأجابة على أي سؤال عن العقائد التوحيد والفقه والأخلاق وغيرها من المسائل والعلوم.
وعندما كان الأمام علي عليه السلام يجعل الأمام الحسن عليه السلام يجيب على هذه الأسئلة هذا لا يعني أن الأمام علي عليه السلام لا يعرف اجابتها لكن كي يفهم المسلمين أنه علم الحسن علمي ومنهج الحسن منهجي.
وأيضا تدل هذه الحركة على ثقة الأمام علي عليه السلام بالأمام الحسن وبعلمه بل حتى الأمام علي عليه السلام عن الأمام الحسن عليه السلام (وجدتك بعضي …بل وجدتك كلي ).
وهنا يجب أن نتمعن النظر بهذه المقولة التي تدل أن الأولاد جزء من الأب ومن علمه لكن الأمام الحسن عليه السلام كان يمثل والده الأمام علي عليه السلام بشكل كامل اذ يخاطبه ويقول :وجدتك كلي فما هي اذا المكانة التي يملكها الأمام الحسن عليه السلام عند الأمام علي عليه السلام.
أما عن شجاعته فهو للأسف مظلوم اعلاميا فلا يظن الناس أن شجاعة الأمام الحسن عليه السلام تقل عن شجاعة الأمام الحسين وأبو الفضل العباس عليهما السلام.
اذ كان الأمام الحسن عليه السلام من أشجع فرسان المسلمين وله هيبة كبيرة بالمعارك بحيث كان في معارك الأمام علي عليه السلام كان يقف خلف حامل الراية والذي يقف خلف حامل الراية هو أشجع فرسان الأمام علي عليه السلام اذ انه ورث شجاعته من جده النبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم ومن والده أمير المؤمنين الأمام علي عليه السلام.
أما عن حياته بعد استشهاد الأمام علي عليه السلام فكانت أصعب فترة بحياة الأمام الحسن عليه السلام اذ انه أصبح هو خليفة المسلمين وصارت كل امور المسلمين ومشاكلهم مسؤؤليته فصار سند الأمام هو اخوه الأمام الحسين عليه السلام وهي سلسلة متصلة فمثلا النبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان سنده الأمام علي عليه السلام والأمام علي عليه السلام كان سنده الأمام الحسن عليه السلام والامام الحسن عليه السلام كان سنده الأمام الحسين عليه السلام والأمام الحسين عليه السلام كان سنده الأمام العباس عليه السلام أما في فترة خلافته فقام بأمور كبيرة عديدة قد لا يسعنا ذكرها كلها هنا لكن من أبرز ما قام به هو صلحه مع معاوية لعنه الله والكثير يعتقد انه هذا الأمر عادي أو يعتقد بأنه الأمام الحسن عليه السلام بايع الظلم المتجسد بشخصية معاوية اللعين وهم لا يعلمون بأن الأمام الحسن عليه السلام قبل ذلك دخل بمعارك كبيرة مع معاوية دامت ستة أشهر وكاد معاوية لعنه الله أن يقتل الناس جميعا وهو لا يخشى ذلك من أجل كرسي الخلافة لذلك عقد الأمام الحسن عليه السلام معه صلحا يشبه صلح الحديبية الذي عقده النبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم مع المشركين حقنا لدماء المسلمين وعقد اتفاقية أنه يعطيه الخلافة مقابل أن تكون الخلافة فيما بعد شورى وكان ذلك ،والكثير لا يفرق بين الخلافة الأمامة فالأمام الحسن عليه السلام أعطى الخلافة لكن الأمامة كالنبوة لا يمكن أن تمنح لأحد لكن معاوية لعنه الله خالف الأتفاقية ففي هذه الحالة سينتهي الأسلام فقامت واقعة الطف الأليمة التي تعتبر كسر بالعمود الفقري للدين الاسلامي والتي استشهد فيها الأمام الحسين عليه السلام ولمن لا يعرف أنه حتى بعد استشهاد الأمام الحسن عليه السلام ظل الامام الحسين عليه السلام على اتفاقيته لكن بعد ان خالف معاوية الملعون بنود الأتفاقية ثار الحسين عليه السلام في كربلاء فصارت واقعة الطف الأليمة وللعلم أن كل ما يقوم به ال البيت الأطهار عليهم السلام هو من أجل نصرة الدين وهي كلها وفق تعليمات الهية لا بل حتى عندما نسأل علماءنا الأفاضل عن صلح الأمام الحسن عليه السلام يقولون لو لا ذلك الصلح لأنتهى الأسلام منذ ذلك الوقت اذا هذا الصلح كان لأسباب كثيرة أهمها حقن دماء المسلمين وغيرها من الأسباب التي تتعلق بالأمام الحسن عليه السلام لكن للأسف موضوع صلح الأمام الحسن عليه السلام مع معاوية لعنه الله استغله بعض المؤرخين لمحاولة التسقيط بالأمام الحسن عليه السلام واخذوا يقولون كيف الأمام الحسن يعقد صلحا مع معاوية الملعون والامام الحسين يحارب معاوية وهم لا يعلمون التأريخ بصورة جيدة اذ أنه الأمام الحسين ظل على الأتفاقية لمدة عشر سنوات حتى خان معاوية الملعون العهد وخالفه وأراد ان ينصب يزيد لعنه الله خليفة بالوراثة وليس بالشورى فثار الحسين عليه السلام في واقعة الطف الأليمة.
وللعلم كل ما يفعله الأئمة من صلح أو حرب او شئ مدروس فمثلا الأمام الحسين يعلم جيدا أنه سيستشهد في كربلاء والأمام الحسن عليه السلام يعلم جيدا ان معاوية لعنه الله سينقض العهد لكن مع ذلك قاموا بذلك لأن ذلك فرض عليهم من الله وما عليهم الا الطاعة.
أما عن كرم وشجاعة الأمام الحسن عليه السلام فما كان قريب او جار او صديق او اي انسان ينام وهو جائع اذ كان الأمام الحسن عليه السلام يعطيهم كل ما يملك ولا يوجد سائل سأل الأمام الحسن عليه السلام ورده الأمام عليه السلام اذا كان يعطي أما كل أمواله أو نصف أمواله اذ انه يلقب بكريم ال البيت عليهم السلام.
كذلك عرف الأمام الحسن عليه السلام بحلمه وشدة تواضعه وهناك رواية تقول جاء شخص من الشام وظل يسب الأمام علي عليه السلام والأمام الحسن عليه السلام لكن الأمام الحسن عليه السلام كان لا يرد وعندما أكمل الرجل جاء اليه الأمام الحسن عليه السلام وضحك وسلم عليه وقال (أيها الشيخ لعلك شبهت فلو أستعتبتنا أعتبناك ولو سألتنا أعطيناك ولو استرشدتنا أرشدناك ولو أستحلمتنا أحلمناك ولو كنت جائعا أشبعناك وأن كنت عريانا كسوناك وأن كنت محتاجا أغنيناك وأن كنت طريدا اويناك ولو كانت لك حاجة قضيناها لك)فخجل الرجل خجلا شديدا من الأمام الحسن عليه السلام وقال كنت أنت وأبوك أبغض خلق الله الي والأن أنتم أحب خلق الله الي ،فالأمام الحسن عليه السلام في وقتها دعاه لبيته وهذا الرجل الذي سب الأمام علي والأمام الحسن عليهما السلام خرج من بيت الأمام الحسن عليه السلام وهو محب وموالي للأمام علي عليه السلام.
أما حادثة استشهاده الأليمة ،أن معاوية لعنه الله كان يريد أن يتخلص من الأمام الحسن عليه السلام بأي طريقة فدس له السم ثلاث مرات وكان في كل مرة ينجو حتى طلب من ملك الروم أن يعطيه أقوى أنواع السم التي لديه فهنا معاوية لعنه الله ذهب الى جعدة زوجة الأمام الحسن عليه السلام وطلب منها أن تدس له السم في الطعام ووعدها أن يزوجها لأحد أولاد يزيد فطمعت بذلك لأنه اذا تزوجت ستأتي معها الغنائم والأموال وكان وقتها الأمام الحسن عليه السلام صائما فوضعت له السم في قدح من اللبن فأفطر الأمام الحسن عليه السلام على هذا اللبن المسموم وتقول الروايات أن أحشاء الأمام الحسن عليه السلام أخذت تتقطع وكأنها تتقطع بالسكاكين فطلب منهم أن يأتوا له بطشت كي يتقيأ أعضاءه المتقطعة فأتوا له بالطشت فذهب له الأمام الحسين عليه السلام وقال له أخي أبا محمد من الذي سقاك السم ومن اين دهيت فأجاب الأمام الحسن وما تريد منه والقصد يريده أن يتركه فأجابه الأمام الحسين عليه السلام دعني أكون خصمه يوم القيامة )فأستشهد الأمام الحسن عليه السلام مسموما بالمدينة المنورة بعد أن لفظ كبده وأحشاءه فخرج الأمام الحسين عليه السلامة حاملا جنازة الأمام الحسن عليه السلام وأراد ان يدفنها جنت قبره جده النبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم فخرج الناس من بنو امية لعنهم الله ممن يكن العداء لأل محمد و ومنعوه أن يدفن جثمانه الشريف جنب قبر النبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وكانت هناك مشادة كلامية بين محمد بن الحنفية وابو الفضل العباس عليه السلام وعبد الله بن عباس وبنو امية فغضب بنو امية الملعونين وأخذوا يرشقون نعشه الطاهر بالسهام حتى اصيب نعش الأمام الحسن و جسده الشريف بسبعين سهما فغضب الأمام العباس عليه السلام غضبا شديدا وقال أترمى جنازة أخي الحسن بالسهام وانتم تنظرون والمعروف عن الأمام العباس عليه السلام شدة غضبه ولأيمكن لأي أحد ان يقف في وجهه غير الأمام الحسين عليه السلام فقال له الأمام الحسين عليه السلام يا أخي العباس ليس هذا يومك أردناك ليوم أعظم من هذا اليوم وهنا الأمام الحسين عليه السلام لكي لا تكون فتنة حمل نعش الأمام الحسن عليه السلام ودفنه في البقيع ولهذا السبب لم يدفن الأمام الحسن عليه السلام جنب جده النبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم …
بمناسبة ولادة أحد سيدا أهل الجنة الأمام الحسن المجتبى عليه السلام نطالب الحكومة في السعودية وكل الشرفاء في العالم ببناء اضرحة أئمة البقيع وستظل قبور ائمة البقيع قضيتنا.