أسلوب حياة
بقلم: عمر الشريف….
يتعرض الإنسان في معتركات حياته لكثير من الصدامات مع غيره من البشر، مما ينتج عنها تلقيه لكم هائل من أنواع الإساءة والتعنيف، سواء أكان التعنيف جسدياً من خلال الضرب والاعتداء الجسدي، أو الاضطهاد النفسي والتهكم الكلامي، وتجريح شخصيته وازدراء آرائه.
والإساءة هي كل تصرف يقوم الإنسان تجاه أخيه الإنسان بشكل متعمد وغير مشروع يكون من شأنه إحداث أي أذى نفسي أو معنوي أو جسدي أو مادي، يهدف المسيء من خلالها إلى فرض السلطة والهيمنة عليه والتحكم فيه ونزع إرادته الحرة في الحياة.
ولا تقتصر الإساءة على طبقة معينة من أبناء المجتمع بل هي منتشرة في مختلف طبقات المجتمع على اختلاف أعمارهم وحالتهم المادية ومستوياتهم الثقافية، حيث قد يظن البعض أن الإساءات تنتشر فقط في البيئات الفقيرة والجاهلة، في حين أنها تنتشر أيضاً بين أبناء الطبقات الغنية والمثقفة، ولكنها تختلف في المظهر والأسلوب والتكتيك في توجيه الإساءة للغير ليس إلا، وإن كانت في بعض الأحيان تكون أشد وأخطر لأنها تكون في كثير من الأحيان مرتبطة بالنزاع على استحواذ السلطة والظهور على حساب الآخرين مهما كلف الأمر.
وممارسة الإساءة بشكل يومي في حياتنا جعل منها عادة اجتماعية معتمدة كأسلوب حياة في التفاهم بين الناس، فأصبح للأسف الكثير من البشر مسيئين بطباعهم ويعلمون الإساءة لمن حولهم كسياسة ناجحة في العيش في مجتمع لم يعد فيه لمفهوم الرحمة والتراحم أي وزن أو قيمة، فأصبح الأمر وكأنه عليك أن تكون مستعداً لتوجيه الضربة الأولى في الإساءة للغير تفادياً واحترازاً من تلقي الإساءة منه، فسوء الظن هو الغالب وتوقع الأسوأ هو المعمول به، فالمجتمع للاسف أصبح كغابة يتصارع فيها الناس حسب قانون البقاء للأقوى.
ومن أخطر أنواع الإساءة التي قد يتعرض لها الإنسان هو أننا قد نجد أنفسنا لسبب ما في موقف معين أو في علاقة معينة مع شخص نفقد فيها حق الاختيار، فلا يكون لنا حق الاعتراض أو التعبير عن الرأي، ونكون فيها محاصرين لا يمكننا الهروب من هذا الذي فرض علينا.
فالحال الغالب في تقلباتنا في هذا العالم هو أننا أصبحنا نعيش في حالين اثنين فقط، وهو إما أن نوجه الإساءات لغيرنا أو نتعرض بدورنا لإساءات الآخرين، حياة ليس فيها معنى السلام الحقيقي أو التعايش ولو بأدنى مستوياته الإنسانية، وهذا قد يفسر كثيراَ من فلسفة الحروب والصراعات والأزمات في بعض المجتمعات، ولم يوضع لها حلاً حتى وقتنا الراهن.