بقلم : ابتسام الجندى
أخصائيه اجتماعيه ومستشار علاقات أسرية
“لا تربوا أبنائكم كما رباكم أباؤكم، فإنهم خُلقوا لزمان غير زمانكم”
كثيراَ ما سمعت هذه المقوله وهي تنسب أحياناً للإمام على بن ابى طالب رضي الله عنه وأحياناً لسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه
وعندما أردت التأكد ممن قالها تحديدا لأصل لسندها فلم أجد سندا مؤكدا ولكن توصلت الي ان عمر هذه المقوله أقدم بكثير.
!! فقد قالها سقراااااط
نعم سقراط وهذا هو نص مقولته الذى يؤدى إلى نفس المعنى:
” لا تكرهوا أولادكم على آثاركم ، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم “
اذاً نحن لا نخترع العجله ، فكل زمان وله معطياته وله أدواته وأيضا له أسلوب تربيه يختلف كلية ً عن تربية أباء وأمهات الزمن السابق له بل وأحياناً أباء وأمهات العقد السابق عليه وربما وبلا مبالغه العام السابق عليه.
ولايعني أن لانأخذ بالقديم بل علي العكس فمن أجل أن نتطور لابد أن يكون هناك أساس نبني عليه ، نطوره ونضيف إليه وهذه هي العراقه من أجل أن تكون تجربتنا ثريه نتعلم من السابقين مع العمل على إعادة صياغة هذه التجارب بما يناسب روح العصر ولو إتفقنا على هذا المبدأ فلنتعلم من الحكم والأمثال التي تذخر بها ثقافتنا كمصريين وعرب .
فهناك مثل يقول “ابنى إبنك وماتبنيلوش” هذا المثل لو تأملناه بعين اليوم وبمعطيات العصر نجد بنائهم اهم بكثير من البناء لهم و تركهم دون اساسيات لحياتهم .
نحن متفقين اننا نربي أبنائنا لزمانهم كثر حداثه ويتقدم يومياً بعد يوم .
إننا نحتاج أن يكون تربية الأبناء كتشييد البناء ذو أساس متين وأعمده قوية, ويأتى ذلك بغرس القيم الحميدة وزرع الأخلاق الكريمة و يتعلموا دينهم بالتدريج وبجرعات تناسب كل مرحلة عمرية يمرون بها وتوفير تعليم يناسب زمنهم.
حاليا معظم الإعتماد على الدورات التدريبية التى يجب أن نهتم بها لأبنائنا لحين إتمام تطوير التعليم بما يناسب التطور التكنولوجى الحديث و السريع لأنه حاليا لا يتناسب مع قدراتهم الفائقه و لا معلوماتهم التكنولوجية الحديثة .
عندما نصل إلى هذا التقدم التعليمى الإثرائي المناسب لكل مرحلة عمرية نطمئن عليهم و يصبحوا قادرين على مواجهة هذا العالم وحل مشاكلهم بأنفسهم .
كونوا القدوة الحسنة المقتدى به فتكونوا المعلم والمستشار والمرجع والمحب وصمام الأمان فلا يتساوى معك أى مستشار آخر من المعلمين ولا الأصدقاء أو الإنترنت ولا حتى الأقارب فأنتم الأول والأوحد فى عالم ابنائكم .هذا مانطلق عليه الإشباع العاطفى والنفسى والإجتماعى وهو مايخلق الإنتماء ، وبذلك ينشأ الأبناء قادرين على مواجهة الحياة بكل أحوالها كما يتمتعون بمقدار عالى من الثقه بالنفس واثقين بأن لديهم مرجعيه عائليه تمدهم بالحمايه والأمان .
فى حالة عدم توافر ذلك تنشأ فجوةٌ بين الآباء والأبناء، فيلجأ الأبناء لمشورة أشخاص آخرين من الكبار حتى لوكانو معلميهم أو أقارب أو أصدقاء و ربما ينصحون أولادكم بما لا يتلاءم مع ظروف بيئتكم .
تعالجوا ذلك بالصبر و التأنى فى الحكم عليهم و السماح لهم بإرتكاب الأخطاء أمامكم و أعطوا مساحة يحدثوكم بتصرفاتهم و انتم تنصتون بكل هدوء وتوقف عن إنتقادهم بشكل مستمر “فنحن لانحبهم فقط حين يفعلون الصواب لكنا نحبهم فى كافة أحوالهم.” كما لابد لهم وأن يخطئوا و نحن نصوب أخطائهم مع عدم إشعارهم بأنهم أجرموا فى حقنا و حق أنفسهم بل نؤكد إنها تجربه وعليهم التعلم منها حتى لا تتكرر الأخطاء فيكتسبوا الخبرات الجديدة من التصحيح وثقه ومناعه عند مرورهم بمواقف مشابهه .
وآخيرا ينبغي التعبير عن الحب وإظهاره فهو المفتاح السحري المستتر والحبل السرى الذى يكون بين الأبناء وذويهم والمظلة التي مهما إبتعدوا عنها يشعرون بالحنين إليها للوقايه من الشمس والبرد والعواصف فكل مانزرعه فى اولادنا وهم صغار نجنيه فى كبرنا.
فراعوهم صغاراً يبروكم كباراً أما لو زرعنا القسوه بحجة تقليد أهالينا وأنهم كانو يضربوننا ونحن نحبهم او قصرو فى حقنا وإلتمسنا لهم العذر فأنت تتحدث عن نفسك من منظور زمانك وليس عن أولاد فى زمان آخر يتنظرهم مستقبل يختلف كثيراً عن زمن تنشئتك وواقعاً مغاير لواقعك الحالى بتحدياته وتطوره المذهل ومعطياته وثقافته التي تتطور كل يوم فأولادكم أمانات لا ملكيات.